من الإيمان إلى الاطمئنان: رحلة إبراهيم عليه السلام كنموذج للباحث عن الحقيقة إعداد: د. محمد عيدروس باروم
بين الإيمان والاطمئنان مسافة يقطعها القلب بالعلم واليقين. ولأن القرآن الكريم يخاطب الفطرة والعقل معًا، قصّ علينا موقف الخليل إبراهيم عليه السلام وهو يسأل ربّه عن كيفية إحياء الموتى، ليعلّمنا أن البحث عن الطمأنينة لا ينقص الإيمان، بل يزيده رسوخًا.
المقدمة
الإنسان لا يكتفي بمجرد التصديق الذهني، بل يتوق قلبه دائمًا إلى الاطمئنان الكامل. هذا ما جسّده الخليل إبراهيم عليه السلام حينما سأل ربّه: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾، فجاءه الجواب الإلهي: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾، فقال الخليل: ﴿بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: 260].
الدلالة المعرفية
الإيمان اليقيني موجود، لكن إبراهيم طلب زيادة علمية وعينية.
هذا الموقف يعكس منهجية الباحث: لا يكتفي بالتصديق، بل يبحث عن الأدلة والتجربة والمشاهدة.
يتدرّج اليقين عبر ثلاث مراتب
1. علم اليقين: المعرفة النظرية.
2. عين اليقين: المشاهدة المباشرة.
3. حق اليقين: المعايشة التامة.
البعد التربوي والروحي
السؤال الصادق لا يناقض الإيمان، بل يعزّزه.
طلب البرهان ليس ضعفًا في العقيدة، بل قوة في السعي نحو الطمأنينة.
الباحث الحقّاني يعيش حالة إبراهيم: بين إيمان ثابت، ورغبة في مزيد من النور.
إسقاط معاصر
في زمن تتراكم فيه الأسئلة الفكرية والعلمية، يحتاج المؤمن إلى يقين إيماني، لكن أيضًا إلى طمأنينة معرفية عبر البحث والدراسة.
الإيمان لا يعارض العلم، بل يدعمه ويقويه.
كل باحث حقيقي يعيش هذه الرحلة: يبدأ بإيمان أو فرضية، ويستكملها بالبرهان حتى يبلغ الاطمئنان.
الخاتمة
إن قصة إبراهيم عليه السلام ليست مجرد حدث قرآني، بل منهج بحثي وروحي متكامل: إيمان راسخ، سؤال صادق، برهان عملي، ثم طمأنينة قلبية.
وهكذا يكون المؤمن الباحث: يزاوج بين نور الوحي وعقلية الاستدلال، فيصل إلى أرقى مراتب اليقين.
﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾
شعار كل قلب باحث عن الحقيقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنويه أكاديمي
قد تبدو تواريخ النشر متقاربة، نظرًا لعملية نقل وأرشفة الأبحاث والمقالات إلى المدونة بعد تدشينها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: د. محمد عيدروس باروم
باحث أكاديمي ومدرب معتمد في القيادة، الحوكمة، والاستراتيجية
© 2025 جميع الحقوق محفوظة
يُسمح بالاقتباس لأغراض علمية وغير ربحية مع الإشارة إلى المصدر
تعليقات
إرسال تعليق