منصة أكاديمية لنشر أبحاث ومقالات د. محمد عيدروس باروم في القيادة، الحوكمة، الاستراتيجية، والوقف، مع رؤى تطبيقية تدعم التطوير المؤسسي وتعزز كفاءة الأداء وفق المعايير الوطنية والدولية
الحصول على الرابط
Facebook
X
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
متطلبات إنشاء المشاريع الناجحة: نموذج تكاملي | د. محمد عيدروس باروم
متطلبات إنشاء المشاريع الناجحة: نحو نموذج تكاملي يربط التخطيط الاستراتيجي، القيادة، دراسة الجدوى، والمحاسبة
إعداد: د. محمد عيدروس باروم
الملخص
تسعى هذه الورقة إلى بناء نموذج تكاملي لإنشاء المشاريع الناجحة، يجمع بين الوظائف الإدارية الكلاسيكية (التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة)، والنظريات السلوكية، والنظريات الاقتصادية، والأدوات المحاسبية.
ترى الدراسة أن نجاح المشروع لا يعتمد على الفكرة المبتكرة وحدها، بل على:
التخطيط الاستراتيجي كإطار موجه.
دراسة الجدوى كأداة تقييم علمية.
القيادة الفعالة والسلوك التنظيمي كمحرك بشري.
المحاسبة كلغة مالية لترجمة الرؤية إلى أرقام قابلة للقياس.
وتستند الورقة إلى مجموعة من النظريات، منها: فايول في الإدارة، بورتَر في الاستراتيجيات التنافسية، ماسلو وماكغريغور وفرووم في السلوك التنظيمي، كينز ورأس المال البشري وRBV في الاقتصاد، إضافة إلى أدوات محاسبية مثل التدفقات النقدية، نقطة التعادل، والتكلفة على أساس الأنشطة. وتخلص الورقة إلى أن المشاريع الناجحة هي أنظمة ديناميكية قائمة على التكامل بين هذه الأبعاد، مع دورة مستمرة من التحسين والتكيف.
الكلمات المفتاحية: إدارة المشاريع، التخطيط الاستراتيجي، القيادة، دراسة الجدوى، المحاسبة الإدارية، نظرية النظم، الاقتصاد الكينزي، رأس المال البشري.
١. المقدمة
المشاريع المعاصرة لم تعد مجرد مبادرات فردية، بل أصبحت أدوات استراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تساهم في خلق الوظائف، دعم الابتكار، وزيادة الناتج المحلي. تشير تقارير Project Management Institute إلى أن أكثر من نصف المشاريع الناشئة تفشل خلال السنوات الأولى بسبب ضعف التخطيط أو غياب القيادة أو قصور الجدوى المالية.
في السياق السعودي والعربي، ومع توجه رؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الدخل، يبرز السؤال الجوهري: ما الذي يجعل المشاريع تنجح وتستمر؟ تجيب هذه الورقة عبر تقديم نموذج تكاملي يدمج الأبعاد الإدارية والسلوكية والاقتصادية والمحاسبية، في إطار علمي قابل للتطبيق.
٢. الإطار الإداري والاستراتيجي
٢.١. الوظائف الإدارية الكلاسيكية
طرح هنري فايول خمس وظائف أساسية للإدارة: التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة، والتنسيق. هذه الوظائف تمثل أساس إدارة المشاريع حتى اليوم، وإن أعيد تفسيرها بما يتناسب مع تحديات القرن الحادي والعشرين.
٢.٢. التخطيط الاستراتيجي والاستراتيجيات التنافسية
وفقًا لبورتَر (1998)، تحدد الاستراتيجية التنافسية موقع المشروع عبر ثلاثة مسارات:
القيادة بالتكلفة (Cost Leadership)
التميز (Differentiation)
التركيز (Focus)
ويعتمد التخطيط الاستراتيجي على أدوات تحليلية متعددة لمواءمة القدرات الداخلية مع البيئة الخارجية، بما يحدد هوية المشروع التنافسية ويوجه باقي الوظائف الإدارية.
أداة SWOT
تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمشروع من خلال نقاط القوة، الضعف، الفرص، والتهديدات.
أداة PESTEL
تحليل العوامل الخارجية المؤثرة في المشروع: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، التكنولوجية، البيئية، والقانونية.
٣. دراسة الجدوى: الجسر بين الفكرة والواقع
دراسة الجدوى هي الأداة التي تختبر صلاحية المشروع قبل التنفيذ، وتشمل:
السوقية: قياس حجم الطلب، تحديد المنافسين، ودراسة دورة حياة المنتج.
الفنية: اختيار التكنولوجيا، الموقع، والموارد البشرية.
المالية: تطبيق القيمة الزمنية للنقود، حساب NPV وIRR، وتحليل التدفقات النقدية.
الاقتصادية: تقييم الأثر على الاقتصاد الوطني، مع الاستناد إلى نظرية كينز (تأثير المضاعف).
انطلق من دراسة سوقية دقيقة كشفت فجوة في خدمات النقل التقليدية بالمنطقة. وظّف موارد تكنولوجية نادرة (RBV) ونجح في جذب المستثمرين عبر خطط مالية مدروسة. هذا المثال يُظهر كيف تتكامل الجدوى السوقية والفنية والمالية لتحقيق ميزة تنافسية.
٤. القيادة والسلوك التنظيمي
٤.١. القيادة
القيادة التحويلية (Bass, 1985): تحفّز وتلهم وتبني رؤية مشتركة.
القيادة الظرفية (Hersey & Blanchard, 1977): تكيّف الأسلوب مع نضج الفريق.
القيادة الاستراتيجية: تربط القرارات التشغيلية بالأهداف البعيدة.
٤.٢. النظريات السلوكية
ماسلو: هرم الحاجات يوضح أن التحفيز يتدرج من الأمان إلى تحقيق الذات.
ماكغريغور (X وY): افتراضات القائد عن موظفيه تحدد أسلوب الإدارة.
العدالة (Adams): الشعور بالإنصاف يرفع الإنتاجية.
التوقع (Vroom): الأداء يرتبط بتوقع الموظف أن جهده سيؤدي إلى مكافأة عادلة.
النتيجة: نجاح المشروع يتطلب مواءمة القيادة مع احتياجات العاملين وسلوكهم التنظيمي.
٥. البعد الاقتصادي في المشاريع
كينز: المشاريع تحرك الاقتصاد عبر الأثر المضاعف.
رأس المال البشري (Becker, 1964): الاستثمار في التدريب يرفع الإنتاجية.
التكاليف والمعاملات (Coase, Williamson): تفسير قرار "الإنتاج الداخلي أو التعهيد".
الرؤية القائمة على الموارد (RBV): نجاح المشروع مرهون بامتلاك موارد نادرة وغير قابلة للتقليد.
٦. الجانب المحاسبي كأداة داعمة
لا يمكن لأي مشروع أن ينجح دون إطار محاسبي متين، فهو الذي يحوّل الاستراتيجيات والجدوى إلى بيانات كمية قابلة للقياس. ويشمل:
١. في دراسة الجدوى المالية:
تحليل نقطة التعادل.
قوائم التدفقات النقدية المتوقعة.
تحليل الحساسية لتغير الأسعار أو الطلب.
٢. في التخطيط والتنظيم:
الموازنات التخطيطية وربطها بالأهداف.
التكلفة على أساس الأنشطة (ABC) لتوزيع الموارد بدقة.
٣. في الرقابة:
التكاليف المعيارية وتحليل الانحرافات.
مؤشرات الأداء المالية مثل ROI وهامش الربح ونسبة المديونية.
٤. في البعد الاستراتيجي:
المحاسبة الإدارية (Management Accounting) كأداة لاتخاذ القرار.
استنادًا إلى نظرية النظم، يُفهم المشروع كمنظومة ديناميكية تضم:
الرؤية القيادية.
دراسة الجدوى الموضوعية.
التخطيط الاستراتيجي.
التنظيم.
التحفيز والسلوك البشري.
الرقابة المحاسبية والإدارية.
تعمل هذه العناصر في حلقة تغذية مرتدة (Feedback Loop) تتماشى مع فلسفة كايزن للتحسين المستمر، بما يضمن بقاء المشروع على المسار الصحيح.
٨. الخاتمة والتوصيات
نجاح المشاريع عملية متعددة الأبعاد تتطلب تكامل:
الإدارة (فايول، بورتَر)
السلوك التنظيمي (ماسلو، ماكغريغور، فرووم)
الاقتصاد (كينز، رأس المال البشري، RBV)
المحاسبة (تحليل مالي، أنظمة رقابة، محاسبة إدارية)
التوصيات:
إجراء دراسات جدوى متكاملة بمشاركة خبراء محاسبة وتمويل.
اختيار استراتيجية تنافسية واضحة وربطها بتقارير محاسبية.
اعتماد قيادة تحويلية مرنة تستجيب لاحتياجات العاملين.
الاستثمار في رأس المال البشري كأصل استراتيجي.
تفعيل أنظمة رقابة مالية وإدارية مرنة.
اعتماد فلسفة التحسين المستمر (Kaizen) لتحقيق التكيف والاستدامة.
ختامًا، المشروع الناجح هو فن قائم على علم، ولا بد من أبحاث مستقبلية عربية لقياس الأثر النسبي لكل من القيادة، السلوك التنظيمي، المحاسبة، ودراسة الجدوى على نجاح المشاريع الناشئة.
٩. المراجع
Bass, B. M. (1985). Leadership and Performance Beyond Expectations. Free Press.
Becker, G. S. (1964). Human Capital. University of Chicago Press.
Coase, R. (1937). The Nature of the Firm. Economica.
Drucker, P. F. (2006). Innovation and Entrepreneurship. HarperBusiness.
Fayol, H. (1916). Administration Industrielle et Générale. Paris.
Hersey, P., & Blanchard, K. H. (1977). Management of Organizational Behavior. Prentice Hall.
Kerzner, H. (2017). Project Management: A Systems Approach. Wiley.
Maslow, A. (1943). A Theory of Human Motivation. Psychological Review.
McGregor, D. (1960). The Human Side of Enterprise. McGraw-Hill.
Porter, M. E. (1998). Competitive Strategy. Free Press.
Vroom, V. H. (1964). Work and Motivation. Wiley.
Williamson, O. E. (1985). The Economic Institutions of Capitalism. Free Press.
Deming, W. E. (1986). Out of the Crisis. MIT Press.
Hilton, R. W. (2013). Managerial Accounting. McGraw-Hill.
الغامدي، ع. م. (2022). أثر دراسة الجدوى في نجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية. المجلة السعودية للإدارة.
مجلة الإدارة والاقتصاد (2021). التحديات المعاصرة لريادة الأعمال في المنطقة العربية. جامعة بغداد.
فعالية نماذج الحوكمة المؤسسية في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد ↑ فعالية نماذج الحوكمة المؤسسية في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد دراسة مقارنة بين القطاعين العام والخاص اسم الباحث د. محمد عيدروس باروم تاريخ الإعداد ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥ التصنيف ورقة علمية محكمة ١ الملخص التنفيذي تهدف هذه الدراسة إلى تحليل فعالية نماذج الحوكمة المؤسسية في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد من خلال منهجية مقارنة بين القطاعين العام والخاص. اعتمدت الدراسة على تحليل نوعي شامل للأدبيات الأكاديمية والتقارير الدولية الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الممت...
الترابط بين الإدارة الاستراتيجية، الخطة الاستراتيجية، الاستراتيجية، القيادة وأدوارها: تحليل نظري وتطبيقي مع رؤية السعودية 2030 الترابط بين الإدارة الاستراتيجية، الخطة الاستراتيجية، الاستراتيجية، القيادة وأدوارها: تحليل نظري وتطبيقي مع رؤية السعودية 2030 إعداد: د. محمد عيدروس باروم مقدمة في عالم الأعمال المعقد والمتسارع، تبرز الحاجة إلى فهم متكامل للعناصر التي تشكل نجاح المنظمات والدول. الإدارة الاستراتيجية، الخطة الاستراتيجية، الاستراتيجية، والقيادة تشكل نظامًا متكاملاً يُحرك التوجه المستقبلي ويحقق الأهداف الطموحة. هذا المقال يستكشف هذه المفاهيم، الفروق بينها، النظريات المرتبطة بها، وأدوار القيادة، مع الربط بتطبيق عملي من خلال رؤية السعودية 2030 كدراسة حالة. المفاهيم الأساسية والتفريق بينها الاستراتيجية (Strategy) التعريف: خطة شاملة طويلة ال...
الملخص (Abstract) تهدف هذه الدراسة إلى تحليل ظاهرة سلبية تُلازم بعض حالات تولّي المناصب القيادية، تتمثّل في تقزيم إنجازات السابقين كآلية لبناء شرعية ذاتية زائفة. بالاستناد إلى منهج تحليلي نقدي يجمع بين النظرية التنظيمية وعلم النفس القيادي، تفسّر الورقة دوافع هذه السلوكيات وتقيس انعكاساتها على صحة المؤسسة واستدامة أدائها. وتخلص إلى أن القيادة الفاعلة تُبنى على التراكم المؤسسي لا على القطيعة، وتقترح إطارًا مفاهيميًا للـقيادة المتواضعة (Humble Leadership) مدعومًا بأدوات حوكمة عملية ومؤشرات قياس. الكلمات المفتاحية: القيادة، الشرعية، الإدارة الانتقالية، الذاكرة التنظيمية، القيادة المتواضعة، علم النفس التنظيمي، الشرعية الزائفة. المقدمة انتقال القيادة لحظة كاشفة للنضج الاستراتيجي والنفسي للقائد الجديد. في حالات غير قليلة، يتبنّى القادم الجديد سردية تُقلّل من شأن من سبقوه، وربما تشوّه منجزاتهم، لتصوير ذاته كـ“مُنقذ”. هذه عقدة المنصب الجديد ليست خطأً اتصاليًا فحسب، بل تعبير عن اختلال في إدراك الذات والآخر، وتهديد للرأسمال المعرفي المتراكم. أولًا: الإطار النظري — سيكولوجيا شرعية القائد الج...
تعليقات
إرسال تعليق