التخطي إلى المحتوى الرئيسي
صورة
بين الغاية والوسيلة: أخلاقيات القرار في الإدارة والحوكمة | د. محمد عيدروس باروم بين الغاية والوسيلة: أخلاقيات القرار في الإدارة والحوكمة إعداد: د. محمد عيدروس باروم 28 أكتوبر 2025 في الإدارة، لا تُقاس القيمة بما تحقق فقط، بل بكيف تحقق. يضع هذا المقال ميزانًا عمليًا يضمن أن تبقى الوسيلة شريفة، فتُصان الغاية من التشوه. 1) المقدمة: الإشكالية عند كل قرار مهني، يظهر سؤال حاسم: هل تُبرَّر الوسيلة بالغاية، أم أن الوسيلة جزء لا ينفصل عن الغاية؟ يهدف هذا المقال إلى تفكيك المعضلة أخلاقيًا ومهنيًا، والانتقال بها من التنظير إلى الممارسة المسؤولة. 2) الإطار النظري: الغايات والوسائل بين الفلسفة والتطبيق أ. نظرية "الغاية تبرر الوسيلة" تغلّب ...
الرشد الوقفي: فلسفة التزكية والقرار في سلوك النظار الرشد الوقفي: فلسفة التزكية والقرار في سلوك النظار

الرشد الوقفي: فلسفة التزكية والقرار في سلوك النظار

إعداد: د. محمد عيدروس باروم — باحث ومدرب معتمد في القيادة والحوكمة والاستراتيجية
الرشد في الإدارة الوقفية لا يُقاس بذكاء الناظر فحسب، بل بقدر ما زكّى نفسه والتزم بمقاصد الواقف والمصلحة العامة. العقل بلا تزكية يُضل، والتزكية بلا عقل تُعجز.

جوهر الرشد الوقفي

الرشد في الإدارة الوقفية يتجاوز المهارات الإدارية التقليدية ليشكّل منظومة قيمية متكاملة تجمع بين:

  • البعد الأخلاقي: تزكية النية والإخلاص.
  • البعد العقلي: اتخاذ القرارات الرشيدة.
  • البعد العملي: التوازن في الممارسة وسلامة التطبيق.

المحور الأول: الرشد في النية — الأساس المتين

الرشد يبدأ من الباطن قبل أن يتجلّى في الظاهر. الناظر الراشد يرى وظيفته تكليفًا تعبديًا لخدمة المقاصد الشرعية للوقف.

  • المؤشر السلبي: العمل لهدف شخصي أو عائلي.
  • المؤشر الإيجابي: اعتبار الوظيفة تكليفًا لا تشريفًا.
  • القيمة الجوهرية: تحويل العمل الإداري إلى عبادة منضبطة بالقيم.

المحور الثاني: الرشد في القرار — التمييز الحاسم

العقل حين يخدم النفس الأمّارة يبرّر، وحين يخدم النفس اللوّامة يراجع، وحين يخدم النفس المطمئنة يُبصّر ويهدي. القرار الرشيد يستند إلى مقاصد الواقف والنظام والعدل.

  • المعيار الأساسي: فصل المصلحة العامة عن الهوى الخاص.
  • الآلية العملية: الاستناد إلى المقاصد والنص النظامي.
  • الضمان المؤسسي: لجان مراجعة وحوكمة مستقلة.

المحور الثالث: الرشد في الممارسة — التوازن الضروري

السلطة وسيلة ضبط لا سيطرة، والمسؤولية تقتضي المساءلة قبل الامتياز. يتحقق الرشد العملي بالتأهيل والمحاسبة والسلوك المهني.

  • الفهم الصحيح: السلطة وسيلة ضبطٍ لا هيمنة.
  • المساءلة: مقدّمة على الامتياز.
  • التأهيل المستمر: دورات إلزامية في الأخلاقيات والحوكمة الوقفية.

التطبيقات المقترحة: من النظرية إلى الممارسة

تأتي التطبيقات التالية كحلقة وصل بين الفكرة النظرية والممارسة الميدانية، لتجعل الرشد الوقفي سلوكًا قابلًا للقياس والتنفيذ:

1) إقرار الأمانة الوقفية السنوي: توقيع سنوي مصحوب بجلسة تذكيرية لتعزيز نية الخدمة والإخلاص.

2) مؤشرات الكفاءة الأخلاقية: قياس الجانب القيمي عبر استبيانات مهنية ومؤشرات رقمية موضوعية.

3) مدونة القرارات الوقفية: قاعدة بيانات إلكترونية لتوثيق السوابق وتوحيد المرجعية المؤسسية.

4) ميثاق السلوك المهني للنظار: وثيقة ملزمة تنظم آداب الممارسة وتحدد الجزاءات التأديبية.

5) مؤشر الرشد الوقفي: درجة مركبة من عدة مؤشرات فرعية تقيس النزاهة والالتزام ورشد القرارات.

الرؤية التكاملية للرشد الوقفي

  • التربية الذاتية: تزكية النية وتنمية الضمير الأخلاقي.
  • البناء المؤسسي: تأسيس أنظمة الحوكمة والضبط الداخلي.
  • التقويم المستمر: قياس الأداء بمؤشرات موضوعية.

لا يقتصر هذا النموذج على مؤسسات الأوقاف، بل يصلح كإطار مرجعي لأي مؤسسة خيرية أو خدمية تسعى للجمع بين الكفاءة الإدارية والنزاهة الأخلاقية.

التوصيات التطويرية

  • تفعيل الرقابة الذاتية من خلال برامج توعوية مستدامة.
  • ربط مؤشر الرشد بالمكافآت والحوافز.
  • إنشاء مراكز تدريب متخصصة في أخلاقيات الإدارة الوقفية.
  • توثيق قصص النجاح كنماذج يُحتذى بها.

الخلاصة الفلسفية

العقل بلا تزكية يُضل، والتزكية بلا عقل تُعجز والرشد هو تصالحهما في خدمة الأمانة.

© 2025 جميع الحقوق محفوظة

د. محمد عيدروس باروم

يُسمح بالاقتباس لأغراض علمية وغير ربحية مع الإشارة إلى المصدر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة