المؤلف: د. محمد عيدروس باروم
                    التصنيف: دراسة تحليلية في الإدارة والسلوك التنظيمي
                    أغسطس 27, 2025
                تهدف هذه الدراسة إلى تحليل ظاهرة العزلة الإدارية لدى القيادة العليا، والتي تنتج عن انكفاء المديرين داخل المكاتب واعتمادهم شبه الكلي على التقارير الرسمية. تبيّن النتائج أن هذه الممارسة تؤدي إلى تشوّه إدراكي، وقرارات قاصرة، وتأخر في الاستجابة للأزمات، وانهيار تدريجي للثقة التنظيمية. تعتمد الدراسة على إطارين نظريين رئيسيين هما: الانفصال الإداري (Executive Isolation) وعدم تماثل المعلومات (Information Asymmetry)، مع الاستناد إلى أدبيات القيادة الخادمة والإدارة بالمشي حول (MBWA). كما تتضمن الدراسة لمحة تطبيقية من حادثة Deepwater Horizon. توصي الدراسة بكسر العزلة من خلال ممارسات التحقق الميداني المنهجي، وتفعيل قنوات التغذية الراجعة الآمنة، واعتماد مقاييس أداء تربط القرارات بالواقع التشغيلي الفعلي.
العزلة الإدارية، عدم تماثل المعلومات، القيادة الخادمة، الإدارة بالمشي حول (MBWA)، الفجوة الإدراكية، فاعلية المنظمة.
تعتمد فعالية القرار الإداري على جودة المعلومات وتنوع مصادرها. عندما تُختزل قنوات التواصل في التقارير المصفاة والعروض الرسمية، يتكرس نمط "الإدارة من وراء الجدران"، الذي توصفه الأدبيات الإدارية بـ "العزلة الإدارية". لا تقتصر هذه العزلة على الانفصال المكاني فحسب، بل تمتد إلى الانفصال المعرفي الذي يبسّط التعقيدات التشغيلية ويشوّه إدراك المخاطر والفرص (Mintzberg, 2009).
تتمثل مشكلة الدراسة في اتساع الفجوة بين القيادة والميدان نتيجة العزلة الإدارية، وما يترتب عليها من قرارات غير رشيدة وتآكل الثقة التنظيمية.
اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي النقدي، مدعومًا بإطار نظري ومثال تطبيقي مختصر. تم استخدام الاستدلال المفاهيمي من الأدبيات الكلاسيكية والمعاصرة ذات الصلة، مع تحويل المفاهيم إلى أدوات عملية قابلة للقياس.
أظهرت تحقيقات National Commission (2011) في حادثة Deepwater Horizon أن ثقافة التقارير المتفائلة وتقليل شأن المخاطر حرمت الإدارة العليا من بصيرة ميدانية كافية. تَشكّلَت فجوة إدراكية ساهمت في قرارات قاصرة وأحد أسوأ التسريبات النفطية في التاريخ.
العزلة الإدارية تقوّض دقة الإدراك وتضعف القرار وتؤخر الاستجابة. الحل عملي وواضح: تعريض منتظم للواقع، قنوات متعددة للمعلومة، وحماية ثقافة قول الحقيقة. القائد الذي يكسر جدار العزلة يعيد وصل القرار بالميدان ويرفع فاعلية منظمته.
"القائد الذي يحبس نفسه في برجه العاجي، يبني بيديه أسباب فشل منظمته."
جميع الحقوق محفوظة
© 2025 – د. محمد عيدروس باروم
يُمنع نسخ المحتوى أو اقتباسه لأغراض تجارية من دون إذن خطي صريح من المؤلف.
                يُسمح بالمشاركة غير التجارية للأغراض التعليمية أو الأكاديمية، شرط ذكر المصدر:
تعليقات
إرسال تعليق